تداخل الذكاء الاصطناعي في السياسة.. بين ثورة محققة ومخاطر يجب الحذر منها

«جسور بوست» تناقش مع خبراء تداخل الذكاء الاصطناعي في مجال السياسة والتشريعات وأثر ذلك على المجتمع

"جسور بوست" تسأل والذكاء الاصطناعي يجيب

يُعرّف الذكاء الاصطناعي (Artificial Intelligence)، على أنه تقنية تمكّن الأجهزة والبرامج من محاكاة القدرات العقلية البشرية وأداء المهام بطريقة ذكية ومستقلة. 

وإذا كان الذكاء الاصطناعي دخل مجالات مهمة كالصحة والاقتصاد والتجارة فهل له مكان في مجال السياسة بكل تعقيداته؟

يرى باحثون أن الذكاء الاصطناعي يمكنه أن يكون أداة قوية في التحسين والتطوير والتغيير، ولكن مع مزايا هذه التقنية هناك أيضاً مخاطر تترافق معها. 

ويمكن أن يكون للذكاء الاصطناعي تأثير كبير على السياسة من خلال تحسين العمليات الحكومية وتحسين الاستدامة واتخاذ قرارات أكثر تأثيراً، ومع ذلك فإن هناك أيضاً تحديات وقضايا ترتبط بهذا التجاوز، مثل تأثيره على سوق العمل والتوظيف، والأخلاقيات المتعلقة بجمع البيانات الشخصية والخصوصية، ومسائل العدالة وتوازن القوى في استخدام الذكاء الاصطناعي في صنع القرارات السياسية. 

وبالطبع يتداخل الذكاء الاصطناعي في مجال البرلمان والتشريعات، ويمثل مسألة مهمة ومثيرة للجدل في الوقت الحاضر، ويمكن أن يقدم الذكاء الاصطناعي والتقنيات ذات الصلة فرصاً هائلة لتحسين العملية التشريعية وتعزيز الحكم الرشيد. 

ومن بين الطرق التي يمكن أن يؤثر فيها الذكاء الاصطناعي على البرلمان والتشريعات، البحث والتحليل فيمكن للذكاء الاصطناعي أن يقدم تحليلات دقيقة وموثوقة للبيانات والأبحاث المتعلقة بالتشريعات المطروحة، ويعزز هذا التحليل القرارات التشريعية ويساعد في توجيه النواب نحو القضايا المهمة. 

كذلك يُعتبر الذكاء الاصطناعي مفتاحاً لتعزيز التواصل بين النواب والمواطنين، من خلال تقديم نصائح وإجابات فورية وموثوقة، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يسهم في زيادة مشاركة الجمهور في عملية صنع القرار. 

وبقدر أهمية السياسة في المجتمع، تأتي أهمية تداخل الذكاء الاصطناعي بها، فالسياسة تعتبر وسيلة لتحقيق الحكم العادل والتوازن في المجتمعات، ويتم تحديد السلطة وتنظيم القرارات والقوانين التي تؤثر في حياة الأفراد والمجتمع بشكل عام.

وتعد السياسة باباً لتحقيق العدالة الاجتماعية وتوفير الفرص المتساوية للجميع، وتعمل السياسة أيضاً على حماية حقوق الإنسان والحفاظ على الحريات الأساسية مثل حرية التعبير وحرية التجمع وحرية الدين. 

لأهمية تداخل الذكاء الاصطناعي وما يمكن أن يقدمه، تناقش "جسور بوست " الأمر مع متخصصين وخبراء وتسأل CHATGPT عن مخاطره.

في الميزان.. الابتكار المثير أم الوهم المضلل؟ 

عن تداخل الذكاء الاصطناعي مع السياسة ومخاطر ذلك، علّق الخبير التكنولوجي المهندس خضر غليون بقوله، إن اقتحام الذكاء الاصطناعي الساحة السياسية، من شأنه إحداث ثورة في الإعلانات السياسية والتواصل الانتخابي، ولكن هل هذه الثورة تعد بالتقدم والتحسين، أم أنها تحمل في طياتها الفوضى والتضليل؟

ويتابع في تصريحات لـ"جسور بوست": في أبريل 2023، أطلق الرئيس الأمريكي جو بايدن حملته لإعادة الانتخاب عبر إعلان فيديو، وفي اليوم نفسه أصدرت اللجنة الوطنية الجمهورية إعلاناً تم إنشاؤه بالكامل باستخدام الذكاء الاصطناعي، هذه الخطوة الجديدة تمثل بداية عصر جديد في الإعلانات السياسية، ولكنها تأتي مع تحديات كبيرة. 

واستطرد: المخاوف الرئيسية تتعلق بالقدرة على نشر المعلومات المضللة والمعلومات الكاذبة بسهولة أكبر، فالذكاء الاصطناعي يمكن أن يُستخدم لإنشاء "deepfakes"، أو الفيديوهات والصور المزيفة التي يصعب التمييز بينها وبين الأصلية، هذه القدرة على التلاعب بالصور والأصوات قد تؤدي إلى نشر معلومات كاذبة أو مضللة بسهولة أكبر، ومع ذلك يمكن أن يكون للذكاء الاصطناعي أيضاً تأثيرات إيجابية.

ويضيف: يمكن أن يساعد في تحسين الشفافية والمشاركة الديمقراطية، ويمكن أن يقدم للحكومات والسياسيين أدوات جديدة للتواصل مع الناخبين، ومع ذلك يتطلب التعامل مع الذكاء الاصطناعي في السياسة توازناً دقيقاً بين استغلال التكنولوجيا الجديدة وحماية الناخبين من المعلومات المضللة والكاذبة، المجتمعات المستضعفة، مثل النساء والأقليات العرقية، قد يكونون أكثر عرضة للتأثيرات السلبية للذكاء الاصطناعي في السياسة، الدراسات أظهرت أن هؤلاء الأفراد أكثر عرضة لكونهم هدفاً للحملات المضللة والكاذبة على الإنترنت. 

وعن الجانب الأكثر خطورة للذكاء الاصطناعي، قال إننا يجب ألّا نغفل عن الجانب الأكثر خطورة للذكاء الاصطناعي في السياسة، وهو السياسة المضللة، الذكاء الاصطناعي يمكن أن يُستخدم لتشويه الحقائق وتضليل الناخبين، ما يمكن أن يؤدي إلى تشوه الديمقراطية والثقة في العملية الانتخابية.

وأتم: يمكن أن يكون الذكاء الاصطناعي سلاحاً ذا حدين في السياسة، يمكن أن يقدم فرصاً جديدة للتحسين والابتكار، ولكنه يمكن أيضاً أن يؤدي إلى تضليل الناخبين وتشويه الحقائق، والسؤال الأكبر هو: كيف يمكننا التأكد من أننا نستخدم هذه التكنولوجيا بطريقة تعزز الديمقراطية، بدلاً من تقويضها؟

دور حيوي

وعن السياسة وأهميتها وما يمكن أن يضيفه لها الذكاء الاصطناعي، قال أستاذ العلوم السياسية سيد فرحة، إن السياسة لها دور عظيم في تطوير المجتمعات، وبواسطة السياسة يمكن التصدي للتحديات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية وإيجاد حلول لها، وتلعب السياسة دوراً في توفير الخدمات العامة مثل التعليم والرعاية الصحية والبنية التحتية، علاوة على ذلك تعتبر السياسة وسيلة للتفاوض والتواصل بين الفرق السياسية وتحقيق التوافق بينهم، كما أنها تساعد في تحقيق الاستقرار السياسي وتجنب الصراعات والقلاقل، باختصار السياسة تلعب دوراً حيوياً في تشكيل المجتمعات وتعزيز التطور الاجتماعي والاقتصادي والثقافي. 

وعمّا يمكن أن يقدمه الذكاء الاصطناعي في هذا المجال أوضح أستاذ العلوم السياسية لـ"جسور بوست"، أنها أمور عدة على رأسها الإدارة والتنظيم، فيمكن أن يدعم الذكاء الاصطناعي البرلمان في إدارة وتنظيم أعماله، من خلال تنظيم جدول الأعمال وإدارة الموارد وتحليل التوقعات، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يعزز كفاءة البرلمان ويسهم في اتخاذ قرارات أفضل.

واستطرد: يحمل تداخل الذكاء الاصطناعي في هذا المجال أيضاً العديد من التحديات والمخاطر، من بينها قضايا الأمان والخصوصية، وتحديد القيم والأخلاقيات التي يجب أن يتبعها النظام الذكي، وتأثيره على التفاوض والحوار الديمقراطي. 

وأتم: يجب أن يتم التعامل مع تداخل الذكاء الاصطناعي في مجال البرلمان والتشريعات بحذر وتوازن، ويجب أن تتعاون الجهات المعنية من النواب والخبراء التقنيين والمواطنين لضمان استخدام الذكاء الاصطناعي بطريقة شفافة ومسؤولة تحقق الفوائد المرجوة وتحد من المخاطر المحتملة. 

سألنا الذكاء الاصطناعي 

وبالدخول على برنامج يقوم بوظائف CHATGPT سألناه عمّا يمكن أن يقدمه الذكاء الاصطناعي في المجال السياسي فكانت إجابته كالتالي:

تحليل البيانات: يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات السياسية، مثل تصنيف مذكرات الاجتماعات وتحليل تغيرات مواقف الأحزاب والمنظمات السياسية. 

توجيه السياسات: يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لتحقيق توجيه أفضل للسياسات العامة، مع تقديم تحليلات وتوصيات دقيقة استناداً إلى البيانات المتوفرة.  

تحسين الديمقراطية: يُمكن توظيف الذكاء الاصطناعي في تحسين عملية الانتخابات، مثل تسهيل عملية التصويت والتحقق من الهوية، وتقديم معلومات دقيقة للناخبين. 

وعن المخاطر أجاب:

مخاطر استخدام الذكاء الاصطناعي في المجال السياسي:

 التحيز والتمييز: يمكن لأنظمة الذكاء الاصطناعي أن تتأثر بتحيزات بيانات التدريب، ما قد يؤدي إلى اتخاذ قرارات غير عادلة أو تمييز عنصري. 

خصوصية البيانات: يحتاج استخدام الذكاء الاصطناعي إلى كمية كبيرة من البيانات الشخصية، وهو أمر يشكل خطراً على خصوصية الأفراد. 

اعتمادية النظام: يعتمد استخدام الذكاء الاصطناعي في المجال السياسي على توافر بيانات دقيقة وموثوقة، وأي خطأ في البيانات أو البرنامج قد يؤدي إلى اتخاذ قرارات غير صحيحة. 

الاستنتاج: لا شك أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون أداة فعالة في تعزيز عمليات صنع القرار وتحسين السياسة، ومع ذلك ينبغي مراعاة المخاطر المحتملة واتخاذ التدابير اللازمة لضمان استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل أخلاقي ومستدام، يجب أن تتعاون المؤسسات السياسية والمجتمعية معاً لوضع تشريعات وسياسات تنظم استخدام الذكاء الاصطناعي وحماية حقوق الأفراد وضمان الشفافية والعدالة في عملية صنع القرارات السياسية.